موضوعات علمية من خطب الجمعة - الموضوع 012 : قشرة القمح -النخالة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1986-01-17
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
مكونات حبة القمح بما فيها غلافها :
جعل الله القمح لبني البشر غذاء كاملاً، ولكن عناية الله سبحانه وتعالى، فضلاً عن أنها جعلت هذا القمح ينبت في كل بقاع الأرض؛ ينبت في السهول، وينبت في الجبال، وينبت في الأغوار، وينبت في الأجواء الباردة، وينبت في الأجواء الحارة، وينبت في الأجواء المعتدلة، وفي كل لحظةٍ من لحظات الزمن، هناك قمحٌ على وجه الأرض ينبت، وتنع ثماره.
لكن التخطيط الإلهي لهذه الثمرة، أنه جعلها كاملة الغذاء؛ ففيها غلافٌ خارجي ، هو تسعٌ في المئة من وزنها، يسمى عند العوام (نخالة)، وفيها طبقةٌ رقيقة تنطوي على مادةٍ آزوتية، لا تزيد عن ثلاثة في المئة من وزنها، وفيها الرُشيم الذي ينبت إذا أصاب القمحة رطوبةٌ، وهي في التراب، ووزنه لا يزيد عن أربعة في المئة من وزن القمحة، والخمسة وثمانين في المئة نشاءٌ خالص، ماذا نفعل نحن؟ .
ننزع عن القمحة غلافها وغشاءها، ولا يبقى لنا إلا النشاء الخالص، أما هذا الغلاف ففيه ست فيتامينات؛ فيتامين ب1، و ب2، و ب6، و ب ب، وفيتاميناتٌ أخرى في هذا الغلاف ، وفي هذا الغلاف مادةٌ فسفورية، هي غذاءٌ للدماغ والأعصاب، وفي هذا الغلاف حديدٌ، يهب الدم قوةً وحيويةً، ويعين على اكتساب الأوكسجين من الرئتين، وفي هذا الغلاف الكالسيوم الذي يبني العظام، ويقوي الأسنان، وفي هذا الغلاف السيليكون الذي يقوي الشعر, ويزيده قوةً ولمعاناً، وفي هذا الغلاف اليود الذي يعدِّل عمل الغدة الدرقية، ويضفي على آكله السكينة والهدوء، وفيه البوتاسيوم، والصوديوم، والمغنزيوم، تدخل هذه المعادن كلُّها في تكوين الأنسجة والعصارات الهاضمة .
أما نحن، فننزع عن القمحة قشرها، ونرميه للبهائم، ونأكل هذا النشاء الصافي، الذي هو كما وصفه بعض الأطباء: غراءٌ جيِّدٌ للمعدة .
هذا تخطيط الله لنا أن نأكل القمح بقشره, حتى نستفيد من هذه المواد التي أودعها الله في قشرة القمح .
إليكم هذه التعليمات النبوية :
أيها الأخوة, حينما نأكل كما أراد الله لنا أن نأكل، وحين ننام كما أراد الله لنا أن ننام، وحينما نطبِّق سنة النبي عليه الصلاة والسلام:
((نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع))
وحينما نطبِّق سنة النبي عليه الصلاة والسلام:
((حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ))
إذا طبَّقنا السنة المطهرة، وما أراده الله لنا من هذا القمح الذي جعله غذاءً كاملاً، إذا فعلنا هذا، فإن أغلب الظن ننجو من الأمراض الوبيلة التي هي علامة العصر الحديث .