هل تعلم ان للعلم وتعلمه وتعليمه فضل كبير ومنه بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد..
فضل العلم والتعلم...
إن العلم أنيس في الوحشة .. وصديق في الغربة .. وفيه رضا الرحمن وهو طريق دخول الجنان ..
طلب العلم من اسمى المطالب ومن أهم اسباب الرقي بالمجتمع
وقد بين عظم مكانة العلم والعلماء ربنا سبحانه وتعالى في محكم تنزيله وبينه
نبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم. فكان اول أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ان اقرأ قال تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ
(2) العلق.
ومنّ على الإنسان بالإنعام عليه بالعلم: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
(4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) العلق.
ثم بين الله عز وجل عظم مكانة طلب العلم فقال تعالى: فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ التوبة 122.
وطالب العلم تضع له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع قال عليه الصلاة
والسلام: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يصنع .
رواه أبو داود .
وجعل العلم طريقا الى الفوز بالجنة فقال : من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك
الله به طريقا الى الجنة رواه مسلم.
وجعل طلبه جهادا في سبيل الله فقال عليه الصلاة والسلام: من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع رواه الترمذي .
وجعل أثره بعد موت صاحبه عملا مستمرا له وأجرا باقيا وثوابا جاريا في صحيفته .. فقال صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له رواه مسلم.
ومما قاله علماء الأمة في بيان عظم مكانة طلب العلم وعظم مكانة طلاب العلم
والعلماء:
قال علي في كلامٍ له:. «العلم ضالة المؤمن، فخذوه ولو من أيدي المشركين، ولا يأنف أحدكم أن يأخذ الحكمة ممن سمعها منه»
عن علي رضي الله عنه قال:. «العلم خيرٌ من المال، لأن المال تحرسه والعلم
يحرسك، والمال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق، والعلم حاكم والمال
محكوم عليه، مات خزَّان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر،
أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة».
عن علي رضي الله عنه أنه قال:. «من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلِّم عليه
خاصة، وعلى القوم عامة، وتجلس قدَّامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمز بعينيك، ولا
تقل: قال فلان خلاف قولك، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال فإنه بمنزلة النخلة المرطبة لا يزال يسقط عليك منها شيء».
عن عمر بن عبد العزيز أنه قال:. «من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح
قال الزهري رحمه الله : ما عبد الله بشيء افضل من العلم
قال مالك : ان حقا على من طلب العلم ان يكون عليه وقار وسكينة و خشية
و ان يكون متبعا لآثار من مضى من قبله .
قال الإمام أحمد بن حنبل يقول: الناس يحتاجون إلى العلم مثل الخبز والماء، لأن العلم يُحتاج إليه في كل ساعة، والخبز والماء في كل يوم مرة أو مرتين
قال الذهبي : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، ولكنه نور يقذفه الله في القلب ،
وشرطه الاتباع ، والفرار من الهوى والابتداع .
وسئل ابن المبارك: هل للعلماء علامة يعرفون بها؟ قال: «علامة العالم مَنْ عمل بعلمه، واستقل كثير العمل من نفسه، ورغب في علم غيره، وقبل الحق من كل من أتاه به، وأخذ العلم حيث وجد، فهذه علامة العالم وصفته»
قيل للشعبي رحمه الله : من أين لك هذا العلم كله ؟ قال : بنفي الاعتماد ،
والسير في البلاد ، وصبر كصبر الجماد ، وبكور كبكور الغراب .
قال أحد السلف : إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه ، وليس يناله أحد بالحسب ، ولو كان لعلة الحسب لكان أولى الناس به أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
عن بعض السلف : من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهل
و من صبر عليه آل امره الى عز الدنيا و الآخرة.
قال بعض العلماء: «من شرف العلم وفضله أن كل من انتسب إليه فرح وإن لم يكن من أهله، وكل من دفع عنه ونسب إلى الجهل عزَّ عليه ونال ذلك من نفسه وإن كان جاهلاً»
ولئلا يفهم الناس أن المقصود من العلم هو علم العبادات والمناسك فقط حث القرآن في آياته على تتبع علوم الكون كله، واستنباط أسراره وتعلم قوانينه والاستفادة من نظامه ودقة نواميسه قال سبحانه: أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ الأعراف 185.
وقال تعالى: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ آل عمران 191.
آداب طلب العلم:
- التماس مجالس العلم، وانتقاء اليانع من ثمراتها، والانتفاع بها على الوجه
المطلوب.
- الصدق في طلب العلم، وبذل الوقت والجهد في تحصيله، والإعراض عن كل ما يشغل عنه من لغو أو بطالة أو اقتراف لمعصية أو محرم.
قال الشافعي رحمه الله:
- الإخلاص في طلب العلم، وإرادة وجه الله تعالى في تحصيله، وامتثال أمر
رسوله ، والحذر من أن يكون حظه من العلم طلب عرض من الدنيا قليل.
- تزكية النفس وتطهيرها من رذائل الأخلاق واتباع الأهواء قبل طلب العلم،
لأن العلم إذا نزل على نفس خبيثة زادها خبثا وصار ضررا على صاحبه وبلاء على الناس.
- الابتعاد عن المراء، وتجنب الجدال بعد ظهور الحق، فإن المراء لا يأتي
بخير، لأنه يضيع الوقت، ويقسي القلوب، ويورث الأحقاد.
- المحافظة على السمت الحسن، والاتزان والهدوء، ووقار العلم، وما يطبعه في
النفس من خشية لله، ومعرفة بأقدار الناس. والابتعاد عن كل ما يخلّ بشرف العلم ومكانته في النطق والمشي والأمكنة والمعاملات.
- طلب العلم النافع المفيد في دينه أو دنياه أو آخرته، وتجنب العلوم لا طائل منها، أو التي تضر المسلم في دينه، أو توقعه في الشك والإلحاد.
- تلقي العلم عن أهله الأكفاء، من العلماء الراسخين، والأتقياء الصالحين،
وأخذ كل فن من المختصين به، المحسنين له.
- الصبر على التعلم والحفظ والمراجعة، واستغلال الوقت واكتساب الفراغ، قبل
ذهابهما بما يستطيع من الاستزادة من العلم.
قال سيدنا عمر ( تفقهوا قبل أن تسودوا).
- السؤال عن كل ما استعصى عليه فهمه، والبحث في كل مسألة حتى يتقنها، وعدم الحياء في طلب العلم. فقد قيل لابن عباس ما بما نلت هذا العلم؟ فقال: بلسان سؤول، وقلب عقول. وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر.
- التبكير الى مجالس العلم، والحرص على كل ما يرد فيها من أفكار ومعان
وبركات، وتقييدها بالكتابة، وتصنيفها وتبويبها بعد مراجعتها في البيت.
قال الشافعي:
العلم صيد والكتابة قيد...قيّد صيودك بالحبال الواثقة
- استكمال العدة اللازمة للدخول في عداد طلاب العلم ومنها ثمانية أشياء:
الدليل: وهو المعلم الكامل، والزاد: وهو التقوى، والسلاح: وهو الوضوء،
والسراج: وهو الذكر، والمنهاج: وهو الشريعة المحمدية، والهمة الصادقة القوية، والأخوة في الله المصاحبين بالصدق، وتجنب اتباع الهوى.
أسأل الله لي ولكم التوفيق لما يحبه ويرضاه وأن يكون ما كتبته خالصًا لوجهه الكريم .استغفر الله العظيم التواب الرحيم لذنبي وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات الى يوم الدين أمين يارب يارب يارب يارب . لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالين و صلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما ..