من الإعجاز العلمي في السنة النبوية
خلـــق اللــه آدم علـي صـــورته..
بقلم: د. زغلول النجار
يروي عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) أنه قال: خلق الله آدم علي صورته, طوله ستون ذراعا, فلما خلقه قال:
إذهب فسلم علي أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع مايحيونك, فإنها تحيتك وتحية ذريتك, فقال: السلام عليكم, فقالوا: السلام عليك ورحمة الله, فزادوه: ورحمة الله, فكل من يدخل الجنة علي صورة آدم, فلم يزل الخلق ينقص بعد حتي الآن.
والحديث به إشارة الي ثلاث حقائق علمية مبهرة هي:
(1) أن الله تعالي خلق آدم علي صورته, أي علي صورة آدم عليه السلام.
(2) أن طول آدم( عليه السلام) كان ستين ذراعا.
(3) أن الخلق لم يزل ينقص في الطول حتي الآن.
وكان انبهار الناس بفكرة التطور العضوي قد دفع بالكثيرين إلي محاولة ربط الإنسان بتلك السلسلة الطويلة من الخلق دون دليل واضح علي الرغم من نقص السجل الأحفوري والثغرات العديدة التي تتخلله, وذلك استنادا إلي قدم سجل الحياة علي الأرض( تسلوي3800 مليون سنة علي الأقل), وإلي تدرج عمارتها بأنماط متعاقبة من الخلق التي ازدادت في العدد وفي تعقيد البناء مع الزمن باستمرار.
ويأتي حديث رسول الله( صلي الله عليه وسلم) مؤكدا حتمية الخلق, ومؤيدا خلق الإنسان خلقا خاصا علي الرغم من تضاؤل حجمه مع الزمن.
ويأتي العلم الكسبي مؤيدا ذلك بناء علي الملاحظات التالية:
(1) إن لبنة بناء الخلية الحية تتمثل في الجزيء البروتيني, والعلم التجريبي يؤكد استحالة تكونه, بمحض الصدفة نظرا لشدة تعقيده أولا, ولأنه ثانيا مادة غير حية بذاته ولكنه ينشط في داخل الخلية الحية; وكذلك الأحماض الأمينية التي يتركب منها الجزيء البروتيني.
(2) إن الخلية الحية بالغة التعقيد في بنائها, وفي قدرتها علي أداء الوظائف المناطة بها مما ينفي إمكانية وجودها دون تخطيط مسبق حكيم; وجد الإنسان مبني من مئات البلايين من الخلايا الحية التي تتنوع بتنوع وظائفها ويتجمع كل نوع منها في أنسجة متخصصة, وتتجمع الأنسجة المتخصصة في أعضاء محددة والأعضاء في أجهزة معينة تتعاون في تناغم عجيب علي خدمة الجسد الحي, وفي تمكينه من القيام, بمختلف أنشطته.
(3) والخلية الحية في جسم الإنسان لايتعدي قطرها0,03 من الملليمتر, وهي تحمل بداخلها نواتها, والنواة تمثل عقل الخلية الحاكم بما تصدر من أوامر بدقة بالغة, وكل نواة تحمل عددا محددا من الصبغيات( الكروموسومات) ويميز عدد الصبغيات كل نوع من ملايين أنواع المخلوقات, وبلايين أفراد كل نوع فالإنسان ــ علي سبيل المثال ــ تحمل كل نواة خلاياه46 صبغيا في ثلاثة وعشرين زوجا( ماعدا الخلايا التناسلية التي تحمل نصف هذا العدد حتي إذا ما اتحدت تكامل عدد الصبغيات في البويضة الملقحة).
(4) وصبغيات الخلية الإنسانية الواحدة تشغل مساحة في داخل النواة لاتزيد علي واحد من المليون من الملليمتر المكعب, ولكنها إذا فردت فإن طولها يقارب المترين; وعلي ذلك فإن طول الشفرة الوراثية في جسد فرد واحد من البشر يزيد علي المسافة بين الأرض والشمس وهي مقدرة بحوالي150 مليون كيلو متر.
(5) والشفرة الوراثية المحمولة علي صبغيات خلية واحدة من خلايا جسم الإنسان تحمل18.6 بليون جزيء من القواعد النيتروجينية والسكر والفوسفات, موزعة بالتساوي بين هذه المركبات الثلاث, ومرتبة في3,1 بليون من النويدات الموزعة في حوالي بليون شفيرة تكتب بها صفات الجسد كله; ولو تعرض هذا البناء في ترتيب لبناته إلي أقل قدر من التغيير فإما أن يشوه أو أن ينهار بالكامل.
(6) ومن المبهر في هذه الشفرة الوراثية التي تحمل أسرار الخلية الحية أن الحمض النووي الذي تكتب به حروفها يتطابق تركيبه الكيميائي بين أي فردين من أفراد البشر بنسبة99.9% مهما تباعدت أصولهما, وعلي الرغم من ذلك يبقي لكل فرد من البلايين التي تحيا اليوم, والتي عاشت وماتت, والتي سوف تأتي من بعدنا شفرة وراثية مميزة تفوق في الدقة شفرة إبهامه.
أما عن ضخامة جسم أبينا آدم( عليه السلام) فالسجل الأحفوري يشهد للكائنات بتضاؤل الأحجام مع الزمن, وباستمرار ذلك إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وهنا تتضح هذه الإشراقات النورانية في حديث رسول الله( صلي الله عليه وسلم) ومنها القضاء علي دعاوي التطور العضوي, والتأكيد علي الخلق بصفة عامة, وعلي خلق الإنسان بصفة خاصة وهي من الحقائق التي بدأ العلم الكسبي في الوصول إليها.