ترتيب أعمال الحج يوم النحر
الأعمال المطلوبة يوم النحر هي : الرمي والذبح لغير المفرد والحلق وطواف الإفاضة ، والسنة أن تؤدى على الترتيب المذكور باتفاق ، والخلاف هو هل هذا الترتيب سنة أم واجب ؟
فالجمهور ومعهم أبو يوسف ومحمد والشافعي وأحمد وداود الظاهري يرون أن الترتيب سنة فقط وأن الحاج لو قدم أو أخر فيها فلا شيء عليه إلا أن فعله مكروه لمخالفة السنة ولا دم عليه ولا إثم ، سواء فعل ذلك عامدا أو ناسيا ، وسواء أكان عالما بالترتيب أم جاهلا ، وفي رواية لأحمد أنه فرق بين الناسي والجاهل وغيرهما ، فلم ير شيئا إلى الناسي والجاهل ، ورأى أن غيرهما عليه دم .
وقالت الأحناف وابن الماجشون المالكي : إن الترتيب واجب ، وقالت المالكية قريبا من هذا ، والراجح أن الترتيب سنة . وتسرع المرأة إلى الطواف إن خافت الحيض ، ولها أن تستعمل دواء لتأخير الحيض حتى تطوف . وقد استدل الأولون بما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل في حجة الوداع فقال : يا رسول الله ، حلقت قبل أن أذبح ، فأومأ بيده وقال : لا حرج . وقال رجل : يا رسول الله : ذبحت قبل أن أرمي فأومأ بيده وقال : لا حرج . فما سئل يومئذ عن شيء من التقديم والتأخير إلا أومأ بيده وقال : لا حرج أخرجه السبعة إلا الترمذي وهذا لفظ أحمد ، وأخرجه مسلم من حديث ابن عمر أيضا .
واستدل أبو حنيفة ومالك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث رتبها حسبما ذكر ، ولكن يقال لهم : نعم فعله سنة وترك الترتيب جائز بقرينة قوله وإجابته السائلين .
كما استدلوا بقول ابن عباس من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق دما أخرجه الطحاوي وابن أبي شيبة بسند صحيح ، ولكن قول الصحابي ليس حجة مع وجود نص يخالفه ، أو هو مؤول ، أو مطلق مقيد بما ذكر .
قال ابن رشد : وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى في حجته الجمرة يوم النحر ، ثم نحر بدنة ، ثم حلق رأسه ، ثم طاف بالبيت طواف الإفاضة ، وأجمع العلماء على أن هذا سنة الحج ، واختلفوا فيمن قدم من هذه ما أخره النبي صلى الله عليه وسلم أو بالعكس . فقال مالك : من حلق قبل أن يرمي جمرة العقبة فعليه الفدية ، وقال الشافعي وأحمد وداود وأبو ثور : لا شيء عليه ، وعمدتهم... وساق مثل الحديث السابق.، ثم قال : وقال أبو حنيفة : إن حلق قبل أن ينحر أو يرمي فعليه دم ، وإن كان قارنا فعليه دمان.. هـ .