بسم الله الرحمـن الرحيم
حق المسلم على أخيه المسلم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعـــــــــــــــــــد
*- الانسان كريم على الله تعالى وخاصة إذا آمن وأسلم وجهه لله تعا
لى ، فقد خلق الله الانسان بيده ، والذين خلقهم الله تعالى بيده قلة قليلة وهم أربعة أشياء ، وهذه الأشياء جاءت في هذا الحديث عن ابن عمر أنه قال : خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش والقلم وآدم وجنة عدن ثم قال لسائر الخلق : كن فكان صحيح ، انظر مختصر العلو ، فلكرامة هذا الانسان خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا ، قال الكبير المتعال { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } الاسراء
*- ولكرامة هذا الانسان على الله تعالى جعل له حقوقا عامة وحقوقا خاصة الحقوق العامة تشمل المسلمَ وغيرَه وأما الخاصة فهي حق المسلم على أخيه المسلم وهذا ما سنتناوله في رسالتنا هذه بمشيئة الله تعالى
- من هذه الحقوق قوله عليه الصلاة والسلام " حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس " متفق عليه عن أبي هريرة .
- رد السلام دليله " قوله صلى الله عليه وسلم " لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " رواه البخاري عن أنس
- وقوله " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " رواه الترمذي عن أبي أيوب الأنصاري
- أما من ترك السلام وأصر على الهجران فقد باء بغضب من العزيز الجبار حيث قال النبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " رواه أبو داود عن أبي هريرة
- قد يقول قائل أنا أطرح عليه السلام وهو لا يرد علي فما العمل ؟ الجواب من قول النبي العدنان القائل " لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما وأولهما فيئا يكون سبقه بالفيء كفارة له وإن سلم فلم يقبل ورد عليه سلامه ردت عليه الملائكة ورد على الآخر الشيطان فإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعا أبدا " صحيح الترغيب
- وقال " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه " صحيح الترغيب
- فعليكم بالسلام ، فالسلام هو مفتاح المحبة ، والمحبة شرط من شروط الايمان ، والايمان شرط لدخول الجنة ، قال عليه الصلاة والسلام " و الذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم " صحيح الجامع
- ومن حقه أيضاً عيادته إذا مرض ، وثوابه عند الله عظيم لعظمة حرمة المؤمن عند الله تعالى " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " – صحيح الترغيب -
- وقال - " إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح " . وكان له خريف في الجنة – صحيح الترغيب -
- ولعظم هذا الأمر فمن ترك زيارة مريض يعلمه فسوف يعاتبه ربه يوم يلقاه للحديث " ، قال عليه الصلاة والسلام " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده " صحيح الترغيب
ومن حقه أيضاً أن يتبع جنازته ويا حبذا قبل ذلك أن يغسله إن كان عنده علم بسنة التغسيل ودراية وجرأة ، وتكفينه ومواراته التراب إن أمكن ، فمن فعل ذلك ابتغاء وجه ربه الأعلى فما ثوابه ؟ لنستمع هذا من لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث بين لنا ثواب كل واحد منهم
1- ( من غسل مسلما فكتم عليه غفر له الله أربعين مرة – وفي رواية أربعين كبيرة - ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة ) صحيح انظر أحكام الجنائز للألباني
2- ومن تعذر عليه فعل ذلك فلا يتعذر عليه أن يتبع الجنازة من بيتها إلى دفنها ، قال عليه الصلاة والسلام " من شهد الجنازة (من بيتها)، (وفي رواية من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا) حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهد ها حتى تدفن، فله قيراطان (من الاجر)، قيل: (يارسول الله) وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.(وفي الرواية الاخرى: كل قيراط مثل أحد) ". أحكام الجنائز
ومن حقه أيضاً إجابة دعوته ، سواء دعاه إلى وليمة عرس أو طعام عقيقة مولود أو خدمة يقضيها ويسديها له
ومن حقه أيضاً تشميته إذا عطس ، بالطبع إذا حمد الله تعالى للحديث " إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته " رواه البخاري عن أبي هريرة وحديث " إذا عطس أحد كم فليقل : الحمد لله وليقل أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم " صحيح أبي داود
- ومن حقه أيضاً إذا طلب منه نصيحة أن ينصحه ولا يغشه ، طلب منه نصيحة في مسألة ما عليه أن ينصحه ، حيث أن نصيحة المسلم للمسلم واجبة، وقد كان رسول الله يأخذها فى البيعة على الناس كما يأخذ عليهم الفرائض، قال جرير: « بايعت رسول الله على السمع والطاعة، فشرط علي والنصح لكل مسلم » صحيح النسائي ، يطلب منه نصيحة في شراء سيارة ما مثلاً وعنده علم بحال تلك السيارة فلا يجوز كتمان النصيحة وإن كان صاحب السيارة على مودة معه ، وكذا شراء شقة أو نصيحة في خِطبة امرأة فلا ينصحه أو لا يخبره بما يعلم لأن أهل تلك الفتاة من أقاربه أو جيرانه وهكذا فيبتلي بشراء السيارة أو الشقة أو يتزوج تلك الفتاة ثم يطلقها السبب عائد إلى كتمان النصيحة
*- ومن ضمن الحقوق التي هي للمسلم ما جاء في هذا الحديث عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام نظر إلى الكعبة فقال مرحبا بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم حرمة عند الله منك إن الله حرم منك واحدة وحرم من المؤمن ثلاثا : دمه وماله وأن يظن به ظن السوء
*- وفي رواية " كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم . الصحيحة
*- فالمسلم أشد حرمة من الكعبة بنص الحديث فلا يجوز سفك دمه بل ولا يجوز رفع حديدة في وجهه وترويعه فضلا عن غيرها ، فمن فعل ذلك تلعنه الملائكة وإن كان الرافع أخا لأخيه من أمه وأبيه ، فكيف بالقتل - أي قتل المسلم بغيرحق – فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين قال رب العالمين { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } النساء ، وقال عليه الصلاة والسلام " (( لو أن أهل السماء و الأرض اشتركوا في دم مؤمن لكبهم الله عز و جل في النار ) " صحيح الجامع .
وقال أيضاً :{ لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم } صحيح الترغيب . وقال أيضاً " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما وقال ابن عمر رضي الله عنهما إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله} رواه البخاري وقال أيضاً " من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرئ مسلم أن يهريقه كما يذبح به دجاجة كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال الله بينه وبينه ومن استطاع منكم أن لا يجعل في بطنه إلا طيبا فليفعل فإن أول ما ينتن من الإنسان بطنه" صحيح الترغيب .
وقال أيضاً {كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا} صحيح الترغيب
وجاء أيضاً عن ابن عباس { أنه سأله سائل فقال يا أبا العباس هل للقاتل من توبة فقال ابن عباس كالمعجب من شأنه''ماذا تقول؟فأعاد عليه مسألته فقال ماذا تقول'' مرتين أو ثلاثا قال ابن عباس سمعت نبيكم يقول {يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول لرب العالمين هذا قتلني فيقول الله عز وجل للقاتل تعست ويذهب به إلى النار} رواه الترغيب وهو في صحيح الترغيب .
*- وماله وجب أن يصان أيضاً ولا يؤخذ دون وجه حق ، قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } النساء . و قال عليه الصلاة والسلام " من اقتطع مال أخيه بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار " رواه أحمد وهو في صحيح الترغيب وقال " من اقتطع مال امرىء مسلم بيمين كاذبة كانت نكتة سوداء في قلبه لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة " رواه الحاكم وهو في صحيح الترغيب
- وقال " لا يحل لمسلم أن يأخذ عصا بغير طيب نفس منه ذلك لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم " ابن حبان –صحيح الترغيب -
*- فكيف بالذين يأكلون أموال اليتامى عدوانا وظلما ؟!! قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ النساء
وكيف بالذي يأخذ إرث رحمه الذي قسمه الله لها من فوق سبع سماوات والتي لو جاءتك لحاجة ألمت بها تطلب منك من بعض فضلة مالك وكنت ميسور الحال فمنعتها ما هو ليس بحق لها لكان هذا العقاب لمن فعل هذا عند رب الأرض والسماء ، قال النبي العدنان عليه أفض الصلاة والسلام " ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج الله له من جهنم حية يقال لها شجاع يتلمظ فيطوق به " رواه الطبراني وهو في صحيح الترغيب
فكيف بالذي يأخذ مالاً هو لها والله المستعان ؟؟!!!
*- ومن حقه أيضاً صون عرضه فلا يجوز استطالته ولو بأي شكل من الأشكال فقد قال النبي العدنان عليه الصلاة والسلام " أهون الربا كالذي ينكح أمه وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه " صحيح الجامع ، فلا يجوز لعنه أوسبه أوشتمه أوقذفه أو أي شيء يؤذيه .
- وجاء في الحديث " إن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلعنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنها فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " رواه أبو دواد عن ابن عباس وهو حسن
- وقال أيضاً " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة " صحيح أبي داود عن أبي الدرداء
- وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام " إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإن لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان أهلا وإلا رجعت إلى قائلها " صحيح أبي داود - وقال " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " متفق عليه
– وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه قال يلعن أبا الرجل فيلعن أباه ويلعن أمه فيلعن أمه " صحيح الجامع
- بل ولا يجوز سب الأموات وحتى لا يتأذى الأحياء للحديث «لا تسبّوا الأموات فإنه أفضوا إلى ما قد قدموا» صحيح الترغيب «لا تسبّوا الأموات فتؤذوا الأحياء» صحيح الترمذي
- ولا يجوز قذفه بابن الحرام أو ابن الزنى إلى غير ذلك قال تبارك وتعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } النور
- وكذلك من حقه أيضاً أن نظن به الظن الحسن لا السوء للحديث " وأن يظن به ظن السوء " صحيح النسائي أي هذا من حرمة المؤمن على المؤمن أن يظن به ظن سوء - وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } وقال عليه الصلاة والسلام " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " متفق عليه عن أبي هريرة
- والمقصود به هنا ظَنَّ السُّوءِ وَمَعْنَاهُ أَنْ تُعَادِيَ أَهْلَكَ وَصَدِيقَكَ عَلَى ظَنٍّ تَظُنُّهُ بِهِ دُونَ تَحْقِيقٍ ،
- وظن السوء يحمل صاحبه على البغض للآخرين والبغي والحقد والعداوة ولهذا قيل يا رسول الله أي الناس أفضل قال " كل مخموم القلب صدوق اللسان " قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب قال " هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد " صحيح ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص
*- ومن حقه عليك أن تنصره وتدفع عنه الظلم حتى لو كان ظالما فمن حقه عليك أن تبين له الحق وتحثه عليه للحديث " انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل كيف أنصره ظالما قال تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره " رواه البخاري عن أنس ، بهذا الفعل ينجو المجتمع من آفة العذاب الذي عجل الله به للظالم في الدنيا قبل الآخرة ، للقرينة " قال صلى الله عليه وسلم مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " رواه البخاري عن النعمان بن بشير
- وانصره إن كان مظلوما وهو من باب أولى إذا كنت قادرا على ذلك فإذ لم تفعل فإنه يخشى عليك للحديث " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة فجلد جلدة واحدة فامتلأ قبره عليه نارا فلما ارتفع عنه وأفاق قال على ما جلدتموني قالوا إنك صليت واحدة بغير طهور ومررت على مظلوم ولم تنصره ) الصحيحة
*- فإذا كان هذا عقاب من لم ينصر المظلوم ، فكيف بمن يظلمه ويتعدى عليه فتلك الطامة الكبرى ، روى ابن ماجه عن جابر قال لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة قال فتية منهم بلى يا رسول الله بينا نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت صدقت كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم " . الحديث حسن
فويل لمن ذهبت حسناته في مظالم العباد فيهوي بظلمه إلى قعر جهنم ، وهناك وهو في قعر جهنم ما الذي يحصل له ؟ لنستمع لحديث يزيد بن شجرة حيث قال " إن لجهنم لجبابا في كل جب ساحلا كساحل البحر فيه هوام وحيات كالبخاتي وعقارب كالبغال الدلم فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء الله من ذلك فتكشطها فيرجعون فيبادرون إلى معظم النيران ويسلط عليهم الجرب حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم فيقال يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقال له ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين " صحيح الترغيب
- فاتقوا إيذاء المؤمنين فإن دعوة المظلوم تصعد إلى السماء كأنها شرارة ولو كانت من كافر ، فكيف إذا كان المظلوم مؤمنا صابرا محتسبا ؟!!!
- ولله در القائل
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ... فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
وقال آخر
أيحسب الظالم في ظلمه ... أهمله القادر أم أمهلا
ما أهملوا بل لهم موعد ... لن يجدوا من دونه موئلا
وقال آخر
أتلعب بالدعاء وتزدريه ... وما يدريك ما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن ... لها أمد وللأمد انقضاء
*- ومن حقه عليك أن لا تبع على بيعه ولا تخطِب على خطبته للحديث " المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر " متفق عليه عن أبي هريرة
*- ولا يجوز اتباع عورته والتماس ذلته لنشرها بين الناس وهذا مما استعاذ منه النبي الكريم الذين كان من دعاءه عليه الصلاة والسلام " اللهم إني أعوذ بك من جار السوء ومن زوج تشيبني قبل المشيب ومن ولد يكون علي ربًّا ومن مال يكون علي عذابا ومن خليل ماكر عينه تراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها " الصحيحة
وبما أن الجزاء من جنس العمل هكذا علمنا الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، فما جزاء من يتبع عورات المسلمين ؟ قال النبي الكريم " يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " رواه الترمذي قال الألباني : حسن صحيح
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته " رواه ابن ماجه بإسناد حسن
والأصل أنه إن رأى منه ذلة أن يستره للحديث " ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " رواه مسلم عن أبي هريرة
إذن فلا تتبع عورته بل عليك أن تستره للحديث " " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " صحيح أبي داود
ومن حقه أيضاً أن تزود عن عرضه وترد عنه إذا اغتيب وأن تدفع عنه وتنصره فينصرك الله في الدنيا والآخرة لا أن تقع في غيبته وبهتانه
قال عليه الصلاة والسلام " من نصر أخاه المسلم بالغيب نصره الله في الدنيا والآخرة " صحيح الترغيب و قال " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " صحيح الترغيب
*- ومن حقه عليك أيضاً إن وقع في ضيق إن تنقذه منه إن كان بمقدورك مثال أن تقرضه قرضاً حسنا أو تدفع عنه كربة أو تسعى معه لتثبت له حاجته ، ومن حقك عليه أن يرد عليك ما اقترضه منك مع الدعاء لك والشكر ، لا كما نراه في هذه الأيام من احوال الناس وهو التهاون بسداد الدين ورد الحقوق مما حذا بكثير من الناس أن تركوا هذا المعروف بسبب جحده من قبل أولئك والله المستعان ، يعتقد الناس أن أمر الدين سهل هين لين ، ولكن شأنه عظيم عند رب الأرض والسماء لا يترك الله منه شيئا ، استمع لهذا الديث " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا حيث توضع الجنائز فرفع رأسه قبل السماء ثم خفض بصره فوضع يده على جبهته فقال سبحان الله سبحان الله ما أنزل من التشديد قال فعرفنا وسكتنا حتى إذا كان الغد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا ما التشديد الذي نزل قال في الدين والذي نفسي بيده لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل ثم عاش ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى دينه " رواه النسائي والطبراني وحسنه الألباني
- وإياك والنميمة والبهتان لأخوة الاسلام كل ذلك يكون وباله عليك إن فعلت ذلك ، قال عليه الصلاة والسلام " يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِى جَوْفِ رَحْلِهِ " رواه الترمذي عن ابن عمر وهو صحيح .
- وقال " مَنْ خَاصَمَ فِى بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِى سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ فِى مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ " رواه أبو داود عن ابن عمر وهو صحيح .
*- وأختم هذا اللقاء بهذا الحديث الشريف من النبي الكريم يشير إلى كيفية حسن التعامل فيما بيننا حيث قال عليه الصلاة والسلام " وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره " وقال " أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " صحيح الجامع .
وفقني الله وإياكم إلى ما يحبه سبحانه ويرضاه