السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعوه الى الجنه
الجنة موعدنا أن شاء الله
دعونا اليوم نتكلم عن أجمل الأوطان ، عن أرضنا التي نشتاق إليها ، عن موعدنا
ووعد ربنا ، دعونا نتكلم عن الأرض التي نلقى فيها الأحبة ،
محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه
حديثنا وكلامنا اليوم عن الجنة ، نعم عن الجنة ، دعونا نشتاق إليها و ننتظرها ،
دعونا نفكر بها علنا نسعى للوصول إليها فيستقيم سلوكنا و ترتاح نفوسنا
الحياة الدنيا قاسية و صعبة ، فيها الكثير من الهموم والظلم والتعب والحزن ،
فيها الكثير من الذنوب والخطايا ، وعندما تكون الدنيا همنا فقط ستكون حياتنا أصعب
و ستزيد همومنا وآلامنا أما من جعل همه الوصول إلى الجنة بسلام فسيشعر براحة
ورضا وأمل كبير
في الجزء السابع والعشرين يأتي ذكر الجنة بعدة صور و طرق ، وصف الجنة
في ذلك الجزء يأخذ حيزاً كبيراً ومهماً منه
تأمل معي أخي تلك الآيات في وصف الجنة من سورة الطور ضمن جزء اليوم :
(( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ﴿١٧﴾ فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ
﴿١٨﴾ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿١٩﴾ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ
وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴿٢٠﴾
وتأمل قوله تعالى جنات وليس جنة واحدة أعدها الله تعالى لعباده المتقين ،
جنات فيها كل أصناف النعيم من طعام أو شراب أو جمال وكما قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : أعد الله تعالى لعباده المؤمنين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت
ولا خطر على قلب بشر
وتأتي سورة الواقعة لتقسم لنا البشر في يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام ، أصحاب اليمين
وأصحاب الشمال والسابقين المكرمين
فالسابقون هم أعلى أهل الجنة مرتبة في الفردوس الأعلى ولهم نعيم ما بعده
نعيم يصفه الله تعالى بقوله جل في علاه :
(( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴿١٠﴾ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴿١١﴾ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿١٢﴾
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣﴾ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ﴿١٤﴾ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ﴿١٥﴾
مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ﴿١٦﴾يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ﴿١٧﴾ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ
وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ﴿١٨﴾ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ﴿١٩﴾ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ﴿٢٠﴾
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿٢١﴾ وَحُورٌ عِينٌ ﴿٢٢﴾ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ﴿٢٣﴾
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٤﴾ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴿٢٥﴾ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا
﴿٢٦﴾فهم يتكئون على سرر رائعة ومريحة ويطوف عليهم غلمان من الجنة يقدمون
لهم أفضل وألذ أصناف الشراب والماء العذب النقي ، ليس في الجنة صداع ولا تعب
ولا ملل ، فيها كل أصناف الفواكه مما لذ وطاب و لحم طير طري ورائع المذاق
و حور عين بجمال خيالي لا يخطر على بال ونقاء وصفاء وبريق كاللؤلؤ
أما القسم الثاني من أهل الجنة فهم أصحاب اليمين ولهم نعيم كبير لا يخطر على بال
رغم أنهم أقل مرتبة من السابقين تأمل أخي ما لهم من نعيم وخيرات
(( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴿٢٧﴾ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴿٢٨﴾ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ﴿٢٩﴾
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴿٣٠﴾ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴿٣١﴾ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ﴿٣٢﴾ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴿٣٣﴾
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ﴿٣٤﴾ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً ﴿٣٥﴾ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴿٣٦﴾ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴿٣٧﴾
لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٣٨﴾ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿٣٩﴾ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ﴿٤٠﴾ ))
يا الله ما أشد كرم ورحمة الله فلو كان كل هذا النعيم للقسم الثاني من أهل الجنة
فكيف يكون نعيم أصحاب المقام الأعلى كالأنبياء والشهداء والصالحين ؟ فواكه متعددة
عنب وتمر وموز و رمان و تصير زوجاتهم من أجمل ما يكون بإنشاء خاص من
قبل الله تعالى لعباده المؤمنين اللهم اجعلنا منهم
أما القسم الثالث والعياذ بالله فهم المكذبون الضالون أصحاب الشمال حيث أشد صنوف
العذاب والألم في سموم وحميم وظل من يحموم والعياذ بالله
وفي سورة الرحمن يأتي وصف شامل ودقيق لكل ما في الجنة من نعيم وصدقوني
عندما أقرأ سورة الرحمن أشتاق للجنة و أشعر بالندم على كل لحظة تقصير أو ذنب
ارتكبته وأنسى كل همومي وأحزاني
ماذا نقول عن نعيم الجنة الفواكه مما لذ وطاب
(( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴿٦٨﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٦٩﴾))
أنهار من ماء نقي صاف وعسل مصفى وخمر لذة للشاربين و لبن لم يتغير طعمه
كما مر معنا في جزء الأمس وفي سورة محمد
(( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ
طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴿١٥﴾
ونجد عيوناً تجري بأصفى أنواع الماء
(( فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴿٥٠﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥١﴾
أم نتحدث عن الحور العين تلك الهدية التي ننساها ونضيعها من أيدينا بنظرنا إلى
ما حرم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
(( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ﴿٥٦﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
﴿٥٧﴾ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴿٥٨﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿٥٩﴾
ماذا نقول وماذا نشتهي ، كل ما نتمناه ، كل ما نحلم به ، كل ما حرمنا منه ،
ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
والسؤال الآن كيف نصل إلى الجنة بأمان ؟
طبعاً الاعتماد أولاً وأخيراً على رحمة الله وليس على أعمالنا فقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله فقال الصحابة
حتى أنت يا رسول الله ؟ فقال : حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته
والخطوة الثانية هي أن تعمل صالحاً كي تكون أهلاً لرحمة الله التي تدخلك إلى الجنة
فانظر إلى أخلاق أهل الجنة وعبادتهم لله بقوله تعالى في سورة الذاريات ضمن جزء اليوم
(( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴿١٥﴾ آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ
﴿١٦﴾ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴿١٧﴾ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴿١٨﴾
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿١٩﴾
فمن يعبد الله حق عبادته و يقوم الليل ويستغفر في الأسحار و يتصدق بأمواله ويتزكى
ويساعد المحتاجين والفقراء والمساكين سينال رحمة الله بإذن الله وسيدخل الجنة
برحمة الله تعالى
نعم لقد كانوا في الدنيا محسنين والإحسان أعلى من الإيمان وهو أن تعبد الله كأنك تراه
فإن لم تكن تراه فهو يراك
ولهذا استحقوا رحمة الله وجنته وكما قال تعالى في سورة الرحمن (( وهل جزاء
الإحسان إلا الإحسان ))
ومن أهم أسباب نيل رحمة الله وجنته الخوف من الله تعالى والدعاء و التذلل إليه
ونجد ذلك في سورة الطور بقوله تعالى :
(( قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴿٢٦﴾ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴿٢٧﴾
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴿٢٨﴾
ومن شروط نيل رحمة الله وجنته الأساسية التقوى والإيمان ونجد ذلك في سورة الحديد
بقوله تعالى :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا
تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٢٨﴾))
فبالتقوى والإيمان يدخلنا الله تعالى في رحمته وينير دربنا وحياتنا وطريقنا ويغفر لنا
وأنت أيها المذنب العاصي لا تقنط من رحمة الله وتذكر الجنة وما فيها من نعيم
ولا تشتري دنياك بآخرة واستيقظ ماذا تنتظر أخي لماذا تصر وتكابر لماذا صرت قاسياً
هكذا هيا تب واخشع لذكر الله و عد إليه وتأمل قوله تعالى :
(( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿١٦﴾))
الحديد ويحكى أن لصاً كان يهم بسرقة بيت فسمع من داخل البيت المجاور صوت قارئ
قرآن يقول تلك الآية فبكى عندما سمعها وتاب وقال : بلى يا رب بلى يا رب آن الأوان
و عدت إلى طريق الحق والصواب
ومهما كان ذنبك لا تخف وتذكر أن الله تعالى الذي يحيي الأرض بعد موتها سيحيي
قلبك من جديد و سينير دربك و روحك و يغفر لك
((اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿١٧﴾
فباب التوبة دائماً مفتوح ورحمة الله وسعت كل شيء وهو الغفور الرحيم
دعونا نفكر بالجنة ونتوب إلى الله
أنت أيها العاصي المصر تذكر الجنة وتب إلى الله
أنت أيها الظالم الذي أكلت أموال الناس ظلماً وبغياً تب إلى الله ورد الحقوق
لأصحابها وتذكر الجنة
أنت أيها المهموم الحزين تذكر الجنة و ستهون عليك كل مصائب الدنيا ففي الحديث
الشريف يؤتى أقل أهل النار عذاباً (من الذين استمتعوا في الحياة الدنيا)
فيقال له هل ذقت نعيماً قط فيقول لا وربي لم أذق نعيماً قط ويؤتى بأدنى أهل الجنة
منزلة ( من الذين تعبوا وجاهدوا وصبروا في الدنيا ) فيقال له هل ذقت شقاءً قط
فيقول لا والله ما عرفت شقاءً قط
فلنحيا على أمل الوصول إلى الجنة ونيل رحمة الله ورضوانه ومغفرته لنعيش في
جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر وأختم بتلك الآية من سورة القمر
بنفس الجزء
(( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴿٥٤﴾ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴿٥٥﴾
صدق الله العظيم