--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم..
أرجو منك يا أخى أن تقبل منى هذه الكلمات..
فقد تحتج الى الكلمات الرقيقة العذبة .. ولكنك أيضا تحتج للكلمات القوية والتى قد تبدو فى ظاهرها قاسية.. إلا أنها انطلقت من قلب محب .ز أسأل الله تعالى ان ينفعنا بها جميعا ..
يا أخى..
إن الله تعالى أمر المؤمنين جميعا بالتوبة فقال( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).. وقسَّم العباد إلى قسمين لا ثالث لهما.البتة .. فقال (ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)..
فالعباد إما تائب ولإما ظالم.. ولا شك أن المصر ظالم ..
ولكن من رحمة الله تعالى انه منحنا مهلة للتوبة قبل أن يقوم الكرام الكاتبون بالتدوين .. فقال النبى -- (وإن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتبت واحدة )..
وأعطانا مهلة أخرى بعد الكتابة وقبل حضور الأجل ..
ومصيبة الكثير من الناس اليوم أنهم لا يرجون لله وقارا .. فيعصونه ليلا ونهارا .. ومنهم طائفة ابتُلوا باستصغار الذنوب فترى أحدهم يحتقر فى نفسه بعض الصغائر , فيقول مثلا : وماذا تضر نظرة أو مصافحة أجنبية؟.. ويتسللون بالنظر إلى المحرمات فى المجلات والمسلسلات حتى أن بعضهم يسأل باستخفاف إذا علم بحرمة مسألة كم سيئة فيها ؟ أهى كبيرةأم صغيرة؟ ..
وهو لا يدرى ان من عواقب المعصية أنها تقود لمعصية اخرى.. وكلما عصى ازداد القلب سوادا وبعدا عن الحق سبحانه..
يقول الحبيب --
( إذا أذنب العبد نكتت فى قلبه نكتة سوداء فإذا تاب صقل قلبه منها وإن لم يتب ذادت حتى تعلو قلبه -أى تغشيه وتغطيه هذه النكتة السوداء- فذلك الرّان الذى ذكره الله فى كتابه :< كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون>) فالمعاصى عندما تكثر تكون حجاب عن الله تعالى فى الدنيا والآخرة.. ويخشى على هذا المذنب سوء الخاتمة.. فكم من الناس مات على غير هذا الدين لكثرة ما أدمن من الذنوب وهو محب لها راضٍ بها مطمئن إليها.. وهذا قطعا بخلاف من أذنب وهو يكره ذنبه ويبيت يستغفر مه ربه ودموعه دليله وندمه قائده إلى ربه..
فإذا كان هذا هو الحال فقارن بين حالك وبين هذا الكلام .. الذى رواه البخارى (رحمه الله):-
1- عن أنس رضى الله تعالى عنه قال : - إنكم لتعماون أعمالا هى أدق فى عيونكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله -- من الموبقات ( أى المهلكات)..
فانظر أخى الحبيب كيف اختلف الأمر عند أصحاب القلوب الحية..
2- عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه قال:- إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا -أى بيده- فذبه عنه ..
أرأيت كيف الاستهانة مع ان الذنوب كالجبل فى الأصل وهو لا يراها على حقيقتها..؟
بل وقد لا يُقَدّر هؤلاء - الآن- خطورة الأمر إلا إذا قرأوا قول رسول الله --
(إياكم ومحقَّرات الذنوب .. فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم .. ولإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه)..
وفى رواية أخرى.. ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على على الرجل حتى يهلكنه) .. فهل ما زلت مصرا على ذنبك وتفرح به إذا اقترفته؟!
بل لقد ذكر أهل العلم أن الصغيرة قد يقترن بها من قلة الحياء وعدم المبالاة بها وترك الخوف من الله مع الاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر بل يجعلها فى رتبتها ..
ولأجل ذلك لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ..
ونقول لمن هذا حاله..
لاتنظر إلى صغر المعصية.. ولكن انظر إلى قدر من عصيت..
وكذلك يقول الله جل وعلا..
( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)..
وأكثر من الدعاء وتوجه إلى الله بقلبك واطلب العفو والاقلاع والعون ممن بيده كل شئ ويقلب القلوب بين أصبعين من أصابعه تعالى فإنه لا يرد من سأله ولا يحرم من طلب منه رضاه..
واجعل من تظن فيهم التقوى الصلاح يدعون الله تعالى من اجلك فلعل منهم رجل مستجاب الدعوة يتقبل الله منه فيغفر لك ويعينك على التخلص مما تشكو منه..
ولا تجعل اليأس يتملكك بمجرد ارتكابك للمعصية..
فاليأس قد يمنعك من التوبة المنشودة.. ولكن اذكر ذنب قاتل المائة.. هل ذنبك كذنبه..؟ ومع ذلك فقد تاب الله عليه..
فلا تستصغر ذنبا أبدا حتى لا تتمادى فى الذنوب.. وكذلك لا تستعظم ذنبا على مغفرة ربك فإنه هو المعين البر الرحيم التواب..