الحجر
أباح الإسلام الحجر ، لأنه يحفظ حقوق الناس من الضياع . فيحفظ للدائنين حقهم عند المفلس ، و يحفظ للصغير ماله حتى يكبر، و يصبح قادرا على التصرف فى أمواله بطريقة سليمة . و يحفظ للمجنون ماله حتى يذهب عنه الجنون ، و يحفظ مال السفيه من أن يضيع سدى .
و الحجر نوعان :
حجر لحفظ حقوق الغير :
كأن يكون على الرجل دين و أراد الدائن حقه ، و لكن المستدين لا يقوم بالسداد ، فيلجأ صاحب الدين إلى القضاء ، فينظر القاضى فى أمر المستدين : فإذا كان المستدين مفلسا بمعنى أنه ليس لديه مال يسدد به ما عليه من دين ، أو له مال ولكنه لا يكفى لسداد الدين قام القاضى أو الحاكم بالحجر عليه فيضع يده على ما يملكه المدين ويمنعه من التصرف فيه، ويقوم ببيعه وإعطاء كل صاحب حق حقه.
وإن كان المستدين يملك ما يسدد به دينه ولكنه يماطل، أمره الحاكم أو القاضى برد الدين، فإن رفض قام بحبسه حتى يوفى ما عليه مندين، قال ( :"لىُّ الواجد يحل وعقوبته عرضه" [البخارى]. ومعناه: مماطلة من كان عليه حق وعنده مال يعاقب حتى يسد دينه، وإن كان المستدين معسرا ليس لديه ما يمكن بيعه و سداد الدين منه ، و جب إمهاله ، إلى أن تتحسن أحواله و يتمكن من سداد الدين ، قال تعالى: (وإن كان ذو عُسرة فنظرةٌ إلى ميسرة) [البقرة: 280].
ب حجر لحفظ أموال المحجور عليهم :
وذلك فى حالة كون المحجور عليه سفيها أو مجنونا أو صغيرا لم يبلغ الرشد .
و السفيه : هو من يقوم بصرف أمواله فى أمور الفسق و اللهو ، أو فيما ليس فيه مصلحة دينية أو دنيوية . و لذلك وجب عليه الحجر حتى لا يضيع ماله ، قال تعالى : (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيامًا) [النساء].
ولا يعد الرجل سفيها إن كان يصرف أمواله فى مأكل طيب أو ملبس أنيق ، لقوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) [الأعراف: 32].
والصغير يحجر عليه حتى يكبر و يصبح راشدا يستطيع أن يصرف أمواله فى الأمور الصحيحة . فإذا ما ظهرت عليه علامات البلوغ مثل: إنزال المنى ، ظهور الشعر حول القبل ، الحيض و الحمل بالنسبة للأنثى ، أن يبلغ عمره خمسة عشر عاما و قيل سبعة عشر و قيل تسعة عشر عاما علم منه الرشد ؛ بمعنى أن يكون قادرا على الحفاظ على المال من الضياع رد إليه ماله . قال تعالى: (فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم) [النساء: 6]. وإذا بلغ الحلم ولكنه لم يكن قادرا على الحفاظ على ماله بمعنى أنه لم يرشد بعد ، استمر الحجر عليه حتى يرشد .
والمجنون يحجر عليه كذلك ، لأنه لا يدرك ماذا يفعل ، فيتصرف فى ماله تصرفا يذهب بهذا المال ، و لذلك فالحجر عليه واجب ، فإن ذهب عنه الجنون ، رد إليه ماله .