طواف الوداع
كل من أتى مكة إما أن يريد الخروج منها وإما أن يريد الإقامة فيها ، فإن أقام بها فليس عليه طواف وداع ، لأن الوداع من المفارق لا من الملازم ، سواء نوى الإقامة قبل ترك منى أم بعد ذلك ، وبهذا قال الشافعي وأحمد..
وقال أبو حنيفة : إن نوى الإقامة بعد أن حل له النفر (ترك منى والشفر) ثم يسقط عنه الطواف ، والصحيح الأول .
ومن عليه طواف الوداع ولم يطف فعليه دم ؛ لأنه واجب عند الأكثر ، وليس على الحائض والنفساء طواف وداع ، وإن طهرت قبل مفارقة بنيان مكة رجعت وطافت .
والمكي ليس عليه طواف وداع ؛ لأنه مقيم ، ومثله من كان منزله بالحرم ، وفيمن كان منزله قريبا من الحرم قولان : قول بوجوب الطواف وقول بعدم وجوبه لأن القريب من الشيء يأخذ حكمه .
فإن أخر الحاج طواف الزيارة حتى جاء وقت خروجه من مكة فقيل : يكفي طواف الزيارة عن طواف الوداع ، وقيل : لا يكفي لأن طواف الوداع عبادة مستقلة .
فإن طاف للوداع ثم اشتغل بالتجارة أو بأي شيء عطله عن الخروج والسفر فإن عليه إعادة طواف الوداع عند إرادته الخروج والسفر ، وذلك عند عطاء ومالك والثوري والشافعي وأحمد وأبي ثور . وقال الأحناف : إذا طاف للوداع ، أو تطوعا بعد ما حل له النفر أجزأه عن طواف الوداع ، وإن أقام شهرا أو أكثر ، لأنه طاف بعدما حل له النفر فلم يلزمه طواف بعد ذلك .
والسنة بعد طواف الوداع أن يشرب من ماء زمزم ، ثم يأتي الملتزم فيلزمه ، ويلصق به صدره ووجهه ويدعو الله عز وجل وقد سبق ذكر ذلك .